Friday, July 10, 2009

مرآة مصر العاكسة 1/3





أحاديث عديدة سمعتها منذ فترة قبل ذهابي هذه المرة الى الاسكندرية .. و ما العجب .. فقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة زرنا فيها عروس البحر المتوسط !!!

كانت جميعها حكايات من الأقرباء و المعارف .. عن مدى جمال المدينة و اهتمام المحافظ بها .. و روعة الشواطىء و جمال البحر بعد منع المصانع من تصريف مياه مخلفاتها فيه .

قبل الذهاب الى هناك أخذت أختى في عمل " لسته " باماكن التنزه هناك .. قامت باجراء سلسلة من المكالمات التليفونية الناجحة لعدد من الأصدقاء للتعرف منهم على أهم المعالم التى يجب علينا زيارتها هناك ..

" كوبري ستانلى " .. " قلعة قايتباي " .. " قصر المنتزة " .. " مكتبة اسكندرية " .. " متحف الاحياء المائية " .. " الميناء " .. الخ الخ الخ .

هكذا أخذت تراجع القائمة طوال الطريق .. و تسأل عن مدى قرب هذه الاماكن أو بعدها عن مسكننا هناك .

كانت " الشقة " في آخر المندرة .. من الشرفة نرى جزء كبيرا من حديقة قصر المنتزة .. و بناء عليه .. لم يكن غريبا أن يكون القصر هو أول محطات الزيارة في اليوم التالي لوصولنا .

" 6 جنيهات للسيارة أو الفرد " .. هكذا كتب على لوحة كبيرة في مدخل القصر ..

بابا - " كام يا ابني ؟ "

الحارس - " 30 جنيه ان شاء الله يا فندم "

حضرتي - " 30 جنيه !!! ليه !! "

الحارس - " علشان كل واحد فيكو 6 جنيه و العربية 6 جنيه .. يبقى كله 30 جنيه !! "


سموى تسأل بصوت مسموع- " هو ليه حاسب البنى آدميين الى جوه العربية ؟؟؟ أمال ايه معنى " أو " الى مكتوبة على اليافطة دى !!!!! ""



المهم .. دخلنا :)






مساحات شاسعه من الخضرة الممتدة تحيط بك من كل جانب .. اشجار مختلفة الأشكال و الأنواع .. نخيل منسق بشكل فنى .. أزهار بديعة الألوان .. ممرات كثيرة تتخلل كل هذه المساحة .. مكان أكثر من رائع حقا

طوال مسافة سيرنا فى تلك المساحه الكبيرة كان فى بالي شىء واحد فقط يتردد بشكل متوالي ..
(لو أن دابة عثرت في العراق لسألني الله عنها لم لم تسو لها الطريق يا عمر).

يالله .. من بوسعه أن يحتمل محاسبة ملك الملوك على كل هذا " الثراء " !! .. (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) ..

كنت فى حالة من الذهول من تخيل موقف المحاسبة .. لو أنهم يعرفون بأنهم محاسبون حسابا عسيرا !!!!

خواطر متوارده كثيرة كانت تمر مرورا سريعا على ذهنى اثناء فترة سيرنا فى الحديقة .. حتى وجدتنا وصلنا أمام مبنى القصر ..






بس ثانية واحده كده حضرتك ..


أستووووووووووووووووووووووووب


قبل الشروع في قص ما حدث هناك .. ينبغى و يتحتم " واخد بالك انت " أن أقص عليك مسبقا جزء من تلك الحكاوى " اللطشيفة " التى أثروا بها رأسي " ولاد الحلال " عن ذلك القصر ..

و ده لهدف مهم جدا على فكرة " أحط سيادتك فى نفس الموود الى كنت فيه قبل ما أروح بالصلاة ع النبي هناك "


( قصر المنتزة .. يا سلااااااااااااااام .. ده قصر فخم جدا .. مبنى على طراز أوروبي ما حصلش )

( قصر المنتزة ده يا بنتى من جوه حاجه ما حصلتش .. شياكة ايه .. و جمال ايه .. و فخامة ايه .. و التحف الى موجوده جوه .. و الأثاث الى فيه .. حاجه ما حصلتش )

( قصر المنتزه ده أوضة النوم بتاعت الملك فيه كلها كريستال موف .. حاجه على مستوى ما حصلش )


و كل الـ " ما حصلش " الى انا عماله اسمعه طول الليل و النهار ده سيادتك .. كان يعقبه التأكيد على انك حتشوف الى عمرك ما شفته " وفقا لمبدأ قناة روتانا " لما نروح هناك و ندخل القصر :) :) :) :)



باااااااااااااااك بقى تانى


احنا كنا فين ؟؟

آه .. وصلنا قدام مبنى القصر نفسه


عايزاك تتخيل كده بقى المشهد الآتى :)

احنا قاعدين فى العربية .. و قدام القصر

و بابا داخل بالعربية على مدخل القصر

نلاقيه مقفول

فننده ظابط شرطة نقوله عايزين ندخل قصر المنتزة

فيقولنا طيب ما انتو فى القصر

نقوله لا .. احنا عايزين القصر نفسه

هو ضاحكا : مهو ده القصر نفسه

احنا : يا ابنى عايزين ندخل جوه نتفرج

هو مستغربا آخر حاجه : ممنوع يا فندم

احنا مذبهلين آخر حاجه برضه : ممنوع ليه حضرتك ؟

هو و قد ازداد اذبهلالا : ده قصر تبع رئاسة الجمهورية .. ممنوع حد يدخله يا فندم !!!

احنا و لسه مذبهلين برضه : ده الكلام ده من أمتى ؟؟؟؟

هو و قد بدأ يتأكد من اننا هربانين من المتحف المصري : من سنة 81 !!!!!




خدلك فاصل بقى دلوقتى تخيل فيه منظرنا عامل ازاى بعد الكونفيرزيشن دى و ارجع كمل قراية تانى :)



دى كانت حالة الذهول التانيه و الأقوى الحقيقة بعد ال30 جنيه الى اتاخدو على البوابه بدون اى تفاصيل .. و الى كده خرج منهم دخول القصر اصلا :)


بعد حوار طويل و تعقيبات كتيرة بيننا و بين بعضنا على الخبر اللطشيف الى لسه واخدينه ده .. استهدينا بالله كده و قلنا خلاص .. راح القصر الله يعوض علينا .. باقيلنا الشاطىء بقى ربنا يباركلنا فيه .. نقعد عليه شوية و بعدين نمشى

توجهنا سيرا على الاقدام المرة دى بقى للشاطىء " مهو اصل شكل العربية وشها نحس "

و لسه بنقول يا هادى يا رب حنحط رجلينا ع الرمل .. لقينا بنى آدم طلعلنا ما تفهموش منين و بيقولنا كلام مختلف بقى المرة دى " أيوة يا باشا ؟؟ "

و بعد توضيح السبب من زيارتنا للشاطىء الموقر سمعنا نفس الكلمة الى سمعناها عند القصر " ممنوع "

ليه يا ابنى ؟؟

" اصل ده شاطىء خاص "

فى اللحظة دى كان درجة حرارة غليان الدم في دماغى وصلت نقدر نقول بالتقريب كده ل 1200 فهرنهايت

و الصوت بدا يعلى .. : " خاص يعنى ايه يعنى ؟؟ "

الراجل بخجل : " خاص بناس معينة "

و انا كبرت فى دماغى بقى : ناس معينه .. مين يعنى ؟؟

و امى تشد فيا .. و انا مصممة اعرف مين

و امى : يلا يا بنتى

و انا : لا مهو مش طريقه دى بقى .. لا القصر و لا الشاطىء ..

المهم .. نجحت محاولات ابعادنا عن الشاطىء بسلام


فى هذه اللحظة كان عندى احساس تانى غير الغليان .. " هوبااااااااااااااااااااااااااااااا احنا اضحك علينا يا جدعاااااااااااااااااااااان .. أمال احنا دافعين 30 جنيه ليه بقى بالصلاة ع النبى ؟؟؟ افهم يعنى "


قالولى خلاص .. نقعد نتمشى فى الجناين شوية و بعدين نمشى


كنت بصراحه مستغربة جدا جدا جدا .. يعنى أمة محمد الى داخله القصر دى كلها و دافعه فلوس علشان الحديقه !!!!!!! من حب المصريين فى الخضرة أوى يعنى !!!!!


المهم .. قلنا نتمشى


هما خمس دقايق بالظبط يا اخواننا .. و اكتشفت الناس دافعه فلوس ليه


" couples
الحديقة كلها فى كل حته سواء مكشوفه أو متدارية مبدورة " اتنينات " و فى قول "


لأ بس مش أى اتنينات حضرتك ... الموقف الخلقى متدني لأقصى درجه ممكن تتخيلها .. تقدر تقول كما لو كانت الحديقة تدار " للدعارة " المقننة .. حاجه زى كده


كل الأوضاع الى ممكن تتخيلها كنا بنتحف بيها كل شوية .. وقوف .. قعاد .. نوم .. كله موجود حضرتك


لدرجه اننا كنا خايفين نبص فى اى حته غير تحت رجلينا علشان ما نشوف اى منظر من المناظر الى موجوده دى


الكارثة بقى .. ان العمال رايحين جايين هما و الحراس و شايفين الى احنا شايفينه ده برضه .. و ماحدش بيقول لحد حاجه .. ولا بيقومهم ولا اى بيهزأهم ولا كأن فى اى حاجه سيادتك اساسا يعنى


فى هذه اللحظة ادركت الكارثة الكبيرة الى احنا فيها

يعنى م الاخر .. الحديقة سمعتها مشبوهه !! يعنى الحراس عارفين ان الى داخل هنا داخل يمشى على كيفه و مدخلينه و المهم ال6 جنيه !!!!!!! يعنى هو ده الى فارق معاهم أوى و مش فارق معاهم القرف الى جوه ده كله !!!!



قررنا اننا لازم نمشى من القرف ده كله .. فركبنا العربية و طلعنا بره .. بعد نصف ساعه فقط قضيناها فى " قصر المنتزة " بجلالة قدره


و احنا ماشيين .. القيت ع القصر نظرة طوييييييييييلة جدا و حزينة جدا .. اذا كنت انا من نص ساعه و دمى اتحرق .. فالله يكون فى عونك انت و انت واقف بقالك 117 سنة بحالهم من 1892 لحاد 2009 شاهد على كل كبيرة و صغيرة بتحصل و لسه صامد و صابر




15 comments:

Anonymous said...

بالفعل يا هبة

مراة مصر العاكسة ، أو بالأحرى - وبما تمليه الصورة في صدر الموضوع - مراة مصر المشروخة

السؤال المعقد هنا ، في ظني ، يكون عن تراتبية سلم القيم لدى المصريين وعلاقته بالاقتصاد ، وأقول الاقتصاد عامدا وليس لقمة العيش ، لأن القصر- كأثر- تابع للدولة ، ما يعطي تأكيدا يقينيا بأن الدولة - بجلالة قدرها - مركّبة " أرايل " ، وليس فقط مجموعة موظفين وحراس تعوزهم لقمة العيش ربما بأكثر من حاجتهم هم لها .

فعلا ... مأساة مصرية محزنة

دمتِ مبصرة واعية

**********

محمود عاطف

Unknown said...

الدرس المستفاد : لا تذهب إلى قصر المنتزة :D

Mohammed Mamdouh said...

المنتزه .. جناين ومطاعم وشاليهات بس .. :) يلا خيرها في غيرها
في شاطئ واحد "للعامة" بس بيبقى زحمة بقى .. وفي شاطء تاني جوا نادي بس بخمسين جنيه

والشاطيء بتاع العامة مش فاكر كان ب7 ولا ب10 جنيه

يعني من الآخر .. كما يقول عمرو .. لا تذهب إلى المنتزه

أحمد فضيض said...

لم تفعلي مثلي للأسف :D

قضيت أجازة سابقة على إحدى العمارات المطلة على قصة المنتزه والخضرة والبحر

وطول مدة الاجازة مشعرتش برغبة في دخول القصر

مادمت كنت شايف أعلاه بشكل جميل من البلكونة يبقى يكفي :D

---

يبدو أن الناس ماداموا انخدعوا في التلاتين جنية يبقى لازم يخدعوا بيها ناس تانيين :D

قلم جميل وأسلوب يشد للنهاية :D

Ahmed Zakaria said...

نحن في زمن المسخ
والله ياهبه انا مش عارف اقولك ايه
بس عادي بقا
اللي انتي شفتيه ده مش جديد
بس كل الحكاية ان الموضوع بقا واخد غطاء من الشرعية
يعني كلها محصلة بعضها بس بالقانون
كله بالقانون يا حماصة

Ahmed Zakaria said...

http://aywashayfak.blogspot.com/
this is my blog I returned back

mohamed said...

ألا قوليلي هو انتي أول مرة تورحي اسكندرية ولا ايه

من اول البوست وانتي بتسالي عن الأمان بما فيها كبري استانلي ؟؟؟

بس واضح ان في حلقات تانية من حرقة الدم :)

Anonymous said...

hallooz ya heba , ana mariam draz -3ashan 3arfaky btnsy kteer- el mhm fy qesa el 7azeena dy en el 3arabia tkoon etbasatt w shamt shwayet hwa , bma enaha bardo daf3t 6 gneeh zayko :)

ام البنات said...

يابنتى انت لسه مش عارفه
مصر محتله
بس اللى مجننى مش عارفه جنسية المحتل

ام البنات said...

يابنتى انت لسه مش عارفه
مصر محتله
بس اللى مجننى مش عارفه جنسية المحتل

دهاء سياسي said...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

محمود عاطف

مرآة مصر المشروخة .. هى فعلا كده يا ابنى :(

ترتبية سلم القيم و علاقته بالاقتصاد .. الله .. ده انت كده بتتكلم كلام كبير يا بنى .. الله عليك .. مش عارفه ليه أول ما قرأت الجملة دى افتكرت شرم الشيخ و المشاريع الاستثمارية السياحية الى هناك و نسب اليهود الموجودين :)

دمت محمود عاطف :) :) :)


________________

دكتور عمرو

ده درس حيفضل معلم فى دماغى حضرتك من هنا و طالع :D


_____________

محمد ممدوح

أنا أول مرة فى حياتى اسمع الكلام الى انت بتقوله ده .. بس و الله شكرا على المعلومات الاضافيه :)

هو فعلا .. لا تعيد الكرة مرة أخرى :)

دهاء سياسي said...

أحمد

أول مرة تشرفنى هنا .. سعيده جدا بزيارتك يا فندم :)

بس مش فاهم جملة الخداع بتاعت التلاتين جنيه !!! هلا أضفت قليلا من التفصيل :D

نورت يا فندم :)


_________________

أحمد زكريا

عايزة أقولك انى ما كنتش مصدقه نفسى و انا بقرأ الأسم .. معقول احمد زكريا شخصيا عندى على المدونة :) :) :) :)

انا عارفه انه مش جديد .. بس الجديد الى كان بالنسبالى فعلا .. مستوى التبجح الى بقى عند الناس الى فى الحديقه نفسهم .. يعنى بجد انت لا تتخيل الأوضاع الى كنا بنشوفها .. ولا اما نكون فى حوارى أوروبا العاهرة يعنى :(

الكارثة .. هو الغطاء القانونى فعلا الى بيدعم و بيوفر مناخ خصب جدا للبلاوى دى انها تترعرع و تكبر و تحلو فى مجتمعنا :(

شرفت بقراءة تعقيبك يا فندم :)

دهاء سياسي said...

محمد

آخر مرة رحت فيها اسكندرية قبل المرة دى كانت تقريبا سنة 1998 .. كنت فى خامسه ابتدائى :)

فى حلقتين لسه كمان من العك المجتمعى اللطشيف .. قريبا باذن الله

نورت يا فندم المدونة بعد غياب عنها :)

__________

مريووووووووووووووومة

يا نهار ابيض

ده انا ما عملتلكيش تاج فى النوت على الفيس بوك من كتر ما انا متأكده ان النت عندك فاصل و مش حتقرأيها :)

حمدا لله على سلامتك

تعقيب مسخرة كالعاده :D

وحشتيني يا بنت :)


_______________

أم البنات

انا قعدت باصه للأسم كتير و مش مصدقه .. حضرتك بجد نورتيني جدا .. انا متابعه صفحات مدونتك من فترة كبيرة جدا و لم أكن اتخيل يوما انك ممكن تكونى بتقرأيلي هنا :)

جنسية المحتل .. مننا فينا .. ده احتلال داخلى للقيم و التقاليد و الأعراف ..من الممسوخ قيمهم و المتعولمين لو صح التعبير :)

جزيت خيرا على المرور سيدتى الفاضلة :)

محمد said...

حصل معي تقريبا ما حدث معك لدى زيارتي للقصر, أو لنقل حديقة القصر.. فقد كنت أظن ايضا أني سأدخله..

المنتزه زيه زي مصر كلها, مقسومة ثلاثة أثلاث, ثلث سيء في الشمس بفلوس للشعب, وثلثين في الظل.. ببلاش فاضيين تبع الرئاسة.. أو حاشية الرئاسة..

دهاء سياسي said...

وضاح

أسعدنى مرورك كثيرا .. بس ممكن مزيدا من التوضيح لموضوع الاثلاث ده لانى فعلا ما فهمتش ولا اى حاجه خالص :$

أرجو أن تكون بخير :)