Friday, August 21, 2009





كل عام و أنتم بكل خير :)



مرآة مصر العاكسة 3/3





مشاهد ثابتة .. تلك التى تحتفظ بها ذاكرتى من زيارتنا للأسكندرية حتى الآن ..

هي مشاهد متفرقة .. أؤمن انها بحق تعكس جانبا كبيرا من الشخصية المصرية الآن

أترك لكم كامل الحق فى التعقيب عليها و تحليلها .. فأنا بصدق أتعلم منكم الكثير و الكثير :)

و لتكن بدايتنا بما انتهينا به المرة السابقة



الشاطىء :)





لحقت بأمى و أختى ذات يوم الى الشاطىء .. و حين وصولى اليهم .. كانت معالم الهدوء و السكينة على غير العادة تكسو الأجواء ..


لم ألق بالا لهذا الهدوء الغير مألوف .. و جلست بجوارهما .. فاذا بأمى تفتح الحديث


أمى : احنا ركبنا سابت قبل ما تيجي


انا : ليه خير ؟؟ ايه الى حصل ؟؟



امى : و احنا قاعدين فى 3 شباب نزلو البحر .. مفيش 10 دقايق و لقينا اتنين من الى نزلو مفزوعين و بيندهو على التالت و هو مش باين اصلا .. و الناس كلها جريت على البحر .. و الشباب المسئولين عن الشاطىء " البحارة " ركبوا "البدالات " و نزلولهم جرى


انا فى ذهول : و بعدين ؟؟


امى : طلعو بواحد شايلينه مرمى على المركب و مش بينطق خالص قدامنا


انا : و مات ؟؟


امى : قعدو يحاولو معاه و يكلموه .. فين و فين على ما فتح .. الناس كلها اخدت نفسها .. قام الراجل " البحار " شاله على كتافه و مشى بيه علشان يحطه بعيد عن البحر .. مشى بيه فترة و الناس وراهم .. و بعدين فجأة بص للشاب " الغريق " و قاله انت كويس ؟؟ فرد الولد : اه الحمد لله .. قام راميه من على كتافه و هبده على الرمل و سابه و مشى .. و الناس كلها اتفتحت فى الضحك


انا : رماه ع الأرض!!!!!!!!!!!!!!!!


أمى : اه .. بعد ما لقاه بيرد عليه و قاله انه كويس


أنا : كويس ايه !! مهو برضه تعبان و مخضوض و حالته اكيد صعبه يعنى !!! الناس بقت عجيبة و الله



المشهد التانى : الكورنيش :)





اللقطة الأولى


ماشيين على الكورنيش بالليل .. فى محاولة لاستنشاق بعض الهواء وسط هذه النسبة المرتفه للغاية من الرطوبة الخانقة

المحال التجارية ليست بكثيرة فى المنطقة التى كنا بها فى آخر المندرة .. فكل فترة ألمح سوبر ماركت أو ما شبه على جانب الطريق

عادة يأخذنا الحديث أثناء سيرنا .. و فى " عز " انهماكى فى الحديث مع والدى " بضرب بعيني " على يمينى لأجد محلا صغيرا للغاية .. تدرك للوهلة الأولى حين رؤيته أن له طبيعه مختلفه عن باقى المحال الموجوده .. يغلب عليه و على ما به من بضاعه اللون الأخضر


رفعت بصرى لأرى اسم ذلك المحل فوجدته يحمل هذه العلامة




ايه ده !! محل بيره و خمور !! .. هكذا قلت لوالدى باندهاش منقطع النظير .. فقد كانت هذه هى المرة الأولى فى حياتى التى أرى فيها محل للخمور .. و حقا لم أكن أتخيل أن يكون بادٍ للعيان على الكورنيش بهذا الشكل الفج !!

و بعد حوار جاد بيني و بين والدي عن السماح لمثل هذه المحال بفتح أبوابها جهرا هكذا و اعطائها التصاريح .. و عن مرتاديها و جنسياتهم و مدى خطورة مثل تلك المحال على منظومة القيم لدى المصريين لا سيما من الشباب الصغير .. و جدتنى أتسائل حينها عما كان يقصده من أطلق فكره شعار " بلدنا بتتقدم بينا " اذا كانت هذه المحال مرخصة رسميا من الحكومة بالصلاة ع النبى ..




اللقطة التانية


تنتشر بطول الكورنيش المقاهى أو ما يسمونه باللغه الحديثة " الكوفى شوب " .. و تتفاوت فى حجمها و مستواها و مظهر من يرتادونها .. و ان كانت تجمع تقريبا كل الأعمار و لم تعقد قاصرة على الشباب أو الرجال فقط .. بل انها و منذ فترة لا بأس بها أصبحت مصدرا لجذب الفتيات أيضا للجلوس و الحديث و " التشييش " مؤخرا

ظاهرة مستفزة للغاية " شرب البنات للشيشة " عامة و المحجبات منهن خاصة .. و لكن الفرد للأسف اعتاد بصره على هذا المشهد منذ بضع سنوات فلم يعد ينفر منه بنفس القدر الذى كان عليه من حوالى 3 أو 4 أعوام ماضية

على الرغم من ذلك فان المشهد الذى استوقفنى امام احدى المقاهى هذا المصيف كان صادما للغايه أكثر من صدمتى حين سماعى لأول مرة منذ بضع سنوات خبر " ان البنات دلوقتى اتمدنوا و بقو يشيشو زيهم زي الرجالة عملا بمبدأ المساواة يعنى "

طاولة .. و فى قولٍ " ترابيزة " يجلس عليها فردين هما أب و ابنته .. الأب كان يبلغ من العمر حوالى 54 عاما و الابنة فى مقتبل العمر فقد كانت 17 عاما تقريبا .. محجبه .. و هادئة الملامح .. نحيفه القوام .. تجلس فى مقابل والدها على الطاولة فى نفس المقهى لتشاهد المارة كما يفعل كل الجالسين الى جوارها .. اضافة الى انها " تدخن الشيشة "

اينعم .. تدخن الشيشة امام والدها " عااااااااااااااااااااااااااااااتشى جداااااااااااا"

و الهى يخليكو ما حدش يجيبلى سيرة اى قيم او اخلاق او اعراف او تقاليد او اى حاجه فى أى حته




اللقطة التالتة


فى بعض الأيام كنت أحن كثيرا لأن ارى منظر الشروق من " بلكونة " الشقة التى كنا نسكنها .. فقد كانت الشقة مباشرة على البحر لا يفصل بينها و بينه سوى بضع امتار قليلة هى عرض الشارع فقط ..

كنت أصلى الفجر و أقف أتأمل ذلك البحر الواسع و الذى يتضح لونه شيئا فشيئا مع كل ساعة تمر يرتقى فيها قرص الشمس فى عرض السماء

ياله من مشهد رائع .. و احساس بالنقاء أروع .. يغسل عنك كل همومك .. و يحلق بك بعيدا فى راحه عجيبة

لم يكن يعكر صفو هذا المشهد شيئا سوى تلك السيارات التى تتتابع فى قدومها واحده تلو الأخرى على رصيف الكورنيش لتقف حوالى الساعه 4 و النصف فجرا لتنزل منها فتاه أو اتنين و ينزل قائد السيارة .. شاب فى عنفوان شبابه فى العشرينات من عمره و يقف الى جوارها " البنت يعنى " يتجاذبا اطراف حديث ضاحك لعده دقائق ثم يخرج من جيبه محفظة أصابتها التخمة و يخرج عددا من الأوراق المالية و يعطيها ايها لتنصرف بعدها مودعة اياه

هذا المشهد كان يصيبنى بالغثيان .. يالله .. هل المصيف يعد تصريحا مفتوحا لدى البعض بفعل ما يحلو لهم بغرض " الترويح عن النفس " !!! .. و أين هى رقابة أهل أى من الطرفين

لم يكن هذا المشهد نادرا .. بل كان يتكرر كل فجر بصفه مستمرة ..

ما هذا الذى يحدث !!!





المشهد التالت : الشارع :)





شارع الكورنيش " أو هكذا أسميه " .. يتميز بسرعة سير السيارات به نهارا أو ليلا .. و ان كنت أرى ان السرعة التى تسير بها السيارات مقبوله الى حد ما نهارا نظرا لان " الناس مستعجلة على قضاء مصالحها " .. و لكن ليلا هو ما كان يثير قلقى دائما .. و استعجابى فى نفس الوقت .. فان سرعة السيارات ليلا تتضاعف لدرجه خيالية .. خاصه حينما تعلم أن قائديها من الشباب .. و هذا ما كان يثير قلقى .. اما ما يثير استعجابى .. ان القياده بهذه السرعه ما هى الا " نوع من المنظرة .. الهبل .. الغلاسة " التى يمارسها الشباب على بعضهم البعض فى الشارع بلا أدنى سبب معقول أو مقبول من وجهة نظرى


" العربيتين كانو ماشيين بسرعه رهيبة .. و لما العربية الاولانية زنقت على العربية التانيه .. اضطر السائق انه يجي ناحيه الرصيف .. و كانو الولدين دول ماشيين جنب الرصيف قدامه .. ما لحقش يفرمل فطيرهم من شده الخبطة الى خبطهم بيها "

هكذا قال والدى فى الخامسه صباحا فى يوم مغادرتنا الاسكندرية حينما ذهبنا اليه مهرولين حيث يقف فى " البلكونة " على اثر صوته المرتفع فجأة بفزع بقوله " يا ستار يا رب "

كان حادثا بشعا .. تجمع على اثره الناس من كل حدب و صوب على بعد عده امتار قليلة من مسكننا .. و خرج الباقون مطلين من شرفاتهم ليرو ما حدث .. و وقف الجميع فى حالة من الهلع و الذهول و الترقب لمده جاوزت الساعه و النصف يتابعون ما يحدث

كانت نتيجته " الحادث " شابا ملقى على الأرض لا تبدو عليه اى علامة للحياة اطلاقا .. و طفلا صغيرا افاق بعد فترة ليهرول الى قريبه الملقى ارضا يطمئن عليه ..

ظلت المحاولات بلا أى جدوى اطلاقا مع ذلك الشاب المطروح أرضا لمده قاربت على ثلاثة أرباع الساعة .. حتى قذف أحدهم الى الواقفين " ملاءة " ليغطو بها جثته الهامدة .. حينها تبين للواقفين لاأدرى كيف ان هذا لاشاب مايزال على قيد الحياة و لم يفارقها بعد .. فأخذو فى محادثته و طمأنته .. حتى تأتى عربة الاسعاف لنقله

الاسعاف التى اتصل بها الشباب منذ أول عشرة دقائق مرت بعد وقوع الحادث و ظلو فى اتصال مستمر بها طوال هذه الفترة .. و التى لم تأت سوى بعد ساعة كاملة !!!! مع العلم ان الخامسه صباحا " شارع الكورنيش فاااااااااااااااااضى و مفيهوش عربيات الا قليلة جدا "

فى تلك الأثناء و قبل وصول الاسعاف .. مر" موتوسيكل " لشرطة المرور بجانب الحادث و القى نظرة عابرة اثناء سيره و لم يقف أو يهتم أو يبلغ عن وقوع الحادث .. بالرغم من أن المتجمعين من الناس كانو يستغيثون بأى فرد من أفراد الشرطة يمر عليهم .. و الذين كانو جميعا من " المرور "

و هذا ما أثار حنقى الشديد .. حتى و ان كان هذا الشرطى من " المرور " فواجبه كانسان أولا ثم كشرطى بصرف النظر عن مجاله ثانيا أن يقف و يبلغ عن الحادث ..

فهناك وظائف يجب أن يعلم من يمتهنها انها تجعله ليس ملكا لذاته بل ملكا للناس من حوله .. وقتما يحتاجونه يجدوه فى عونهم بصرف النظر عن اى شىء ..

انتهى الى هنا تتابع المشاهد فى رأسى بيوم مغادرتنا لعروس البحر المتوسط .. فما هو رأيكم فيما عرض عليكم ؟؟