Tuesday, September 28, 2010

فضفضة جوانية 8/8




مصر التي أعشق



الساعة السادسة و النصف صباحا


لم تتضح معالم الأبنية و ألوانها تماما


نسمات باردة تلامس وجهى بين الفينة و الأخرى أثناء وقوفى فى " البلكونة "


الشارع يخلو تماما من المارة


هدوء و سكينة على غير العادة يلفان المكان


تبدأ بعض مظاهر الحياة تدب شيئا فشيئا فى الطريق


استيقظ حارسو العقارات .. كل اتخذ موقعه كما لو كان مبرمجا بدقه بالغة أمام السيارة الموكل بتنظيفها


انهم الطبقة الكادحة من هذا الشعب .. تستيقظ باكرا طلبا للرزق .. قياما بما وكّل اليها من مهام


كل يعرف الآخر معرفة جيدة


على الرغم من عنائهم الا انك ترى وجوههم يعلوها الابتسام


حركة خفيفة يشهدها الشارع حينما ينتقل كل " بواب " للجهة الأخرى للسلام على رفيقه فى العمارة المقابلة و تبادل حديث قصير


زوجة كل " بواب " تقف بجواره و هو يقوم بعمله


مشهد يجعلك تتفكر كثيرا .. مشهد حقا جدير بالتأمل .. ينطق بكثير من الكلمات فى صمت شديد


حينما تنظر الى هذا المشهد تشعر كما لو أنه يقول لك ان صمود هؤلاء الرجال انما هو وليد قصة طويلة بديعة من صبر و مؤازرة زوجاتهم معهم على طريق الشقاء فى هذا البلد


ترى بالرغم من كل شيء نظرة الرضا فى أعين هؤلاء جميعا


تشعر بأن عيونهم و عيونهن تنطق " بالحمد لله " طالما ما زال لدينا ما يقوينا للوقوف على أرجلنا فوق هذه البسيطة


و على الرغم من ذلك فان ملامح وجوههم المدققة للغاية قد شاخت قبل أوانها بكثير


يتردد بداخلى بقوة حينها سؤال واحد فقط


يا ترى ماذا سيحدث لو تمرد " البواب " يوما ؟؟




***


الساعة السادسة و النصف صباحا


أصوات التكبير ملأت الأفق


جميع المآذن توحد صوتها فى تلك اللحظات بـ " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر و لله الحمد "


أفواج البشر تتوافد الى الشارع فى منظر مؤثر للغاية


الكل استيقظ من نومه باكرا ليرتدى ملابسه و يذهب لصلاة العيد


كل فرد يحمل سجادة الصلاة الخاصة به معه فى الطريق


أصوات ضحكات الأطفال تتعالى بين الحين و الآخر


النساء يمسكن بأيدي أطفالهن


الرجال يوجهون أسرهم الى مكان الصلاة المنشود


الوجوه جميعها تعلوها فرحة كبيرة و ابتسامة عريضة


يتقافز الصغار و يتسابقون الى المساجد أمام آبائهم


الأفراد يتبادلون التهنئة بالعيد مع كل من حولهم ممن يعرفون و لا يعرفون


تختفى مظاهر التباينات الاجتماعية الى حد بعيد صبيحة يوم العيد


الجيران تتبادل الأحاديث الباسمة


الأصدقاء يتجمعون فى حلقات واسعة


السكان يتبادلون التهنئة بالعيد مع أسرة " البواب "


امتلأت السماء بسحب بيضاء بديعة فى هذا الوقت


و امتلأت الساحات بالمصلين فى منظر بهيج للغاية


امتزجت الجنسيات معا فى ساحة الصلاة لتكون جسدا واحدا اسلاميا رائعا


مشاهد كثيرة تتوافد على الذهن


أكثرها كان تخيلي لمشهد صبيحة العيد بعد استرداد بيت المقدس على يد صلاح الدين الأيوبي .. ذلك المشهد الذى ارتسم بداخلى من قراءتى لرواية يوم القدس التى درسناها فى الثانوية العامة .. شعرت بحنين عجيب بداخلى له .. و تمنيت لو كنت من أهل ذلك الزمن و ممن شهدوا تلك الفرحة العارمة و تلك الأجواء العظيمة


دعوة انطلقت فى الفضاء قائلة : اللهم قد أتى العيد على أمة حبيبك المصطفى و هي فى كرب عظيم .. اللهم ارزقها فرحة بيوم عيد لا تحزن بعدها أبدا يا كريم




***


انها السادسة و النصف صباحا


أصوات سيارات المدارس أحدثت ضجيجا عاليا أثناء مرورها على بيوت الطلاب


الشارع امتلأ عن آخره " بأتوبيسات " مختلفة الأشكال و الألوان


تبدو العمارات كما لو أنها تخلو تماما الا من الطلاب و أمهاتهم


كل بناية تجد أمامها طفلا أو اثنين يرتدون بذّات مدرسية مختلفة الألوان


الأطفال الذكور الأكبر سنا يمسكون بأيدي أخواتهم الاناث متجهين سيرا على الاقدام فى صف بديع الى مدارسهم


بينما يهرول آخرون الى السيارات المنتظرة أمام منازلهم و هم يحكمون اغلاق " سوستة الجاكيت الرياضي المدرسي " و يضعون حقائبهم على ظهورهم و يلوحون لأمهاتهم الآتى وقفن فى الشرفات لأخبار السائق أن أطفالهم فى الطريق اليه فينتظر قليلا


كل طفل منهم يحمل بداخله أحلام و أمنيات حول المستقبل لا تعد ولا تحصى


كل منهم يسعى ليكون .. و لكن بطريقته الخاصة


منهم خرج مشاعل العلم فى هذا البلد .. و منهم سيخرج مشاعل تحرير و رفعة هذا البلد أيضا


اللهم أحفظ مصر لأطفالها و احفظهم لها يا رب =)




تمت ...

Friday, September 10, 2010




كل عام وانتم بخير =)