Tuesday, March 9, 2010

لعنة مترو الأنفاق







" حد عايز 40 دبوس تحجيبة بجنيه ؟ 4 دبابيس طرحه بنص جنيه ؟ حد عايز بكر خيط ؟ ابر خياطة ؟ أساتك ؟؟ حد عايز ؟؟ "



" حد عايز شرابات محجبات ؟؟ شرابات حنة ؟؟شرابات منقوشة ؟؟ "


" معايا توكة حلوة بجنيه ، معايا شنطة مكياج بجنيه ، معايا بنس شعر بنص جنيه "



" حد عايز هنا البلي الى بيكبر في الميه ؟؟ حد عايز الحيوانات الى بتكبر في الميه ؟؟ "



" معايا قلم كحل أسود طبي طري "


" حد عايز هنا يا جماعة خواتم ألماز ؟ "


" حد عايز يشجع اللعبة الحلوة يا ولاد .. حد عايز يشترى منى نعناع و لبان ؟؟ "


" معايا مبرد للضوافر و مبرد للكعب تستعمليه بعد ما تنقعى رجليكي فى الميه الدافيه .. حد عايز ؟ "


" أيوة الفوط .. معايا فوط بكل الألوان و الاحجام .. قطن ميه فى الميه يا مدام ..حد عايز ؟ "


" معايا مقشرة البطاطس بتاعت المطبخ و فى نفس الوقت قطاعه .. من الناحية دى تقشري و من الناحيه دى تقطعى .. و باتنين جنيه بس .. حد هنا عايز ؟؟ "


" حد عايز مكنة الخياطة الى زي الدباسة .. تاخديها معاكى فى الشنطة و تنفع للجلود ؟ "


" معايا كتب فيها أحلى الوصفات للمطبخ و كتب تلوين للأطفال هنا حد عايز ؟ "


" حد عايز هنا يا جماعه كرت شحن فودافون أو موبينيل بعشرة ؟؟ "


" حد عايز يشترى فرش اسنان ؟ "


" معايا هنا مساحيق تنظيف اجنبية .. تنظف بقع الزيت و الشحم و تخلى اللبس نظيف "


" حد عايز صواريخ اعياد الميلاد و راس السنة العشرة بجنيه ؟ "


" معايا هنا غطا غسالة بعشرة جنيه ، معايا غطا انبوبة البوتاجاز ملون بعشرة جنيه، معايا مفارش سفرة و مفارش سرير بعشرين جنيه "


" معايا هنا البدي الاستريتش على كل الألوانات يلبس جميع المقاسات معايا المخطط و المنقوش و الساده "


" سلامو عليكو يا جماعة .. بالصلاه ع النبي كده احنا ستات و بنات زي بعضينا و محدش يتكسف .. حد هنا عايز قمصان نوم و ملابس داخلية حريمي ؟؟ "



لا حضرتك فهمت غلط .. دى مش وكالة البلح ولا حتى سوق التلات ، ولا سوق الخميس ولا سوق الجمعة ولا الاحد - و الاتنين بيبقى أجازة الحلاقين طبعا - ولا حتى سوق السيارات الى عندنا في مدينة نصر .. اطلااااااااااااااااااااقا

ده كانت لقطة مصغرة حية لعربية السيدات فى مترو الانفاق :)


أيون .. بس طبعا المشهد السابق ده كان باستثناء القاء الضوء على فئة الشحاتين الى فى المترو من أصحاب العاهات المختلفة الحميدة منها و المعدية " زى الى عندهم جزام مثلا " .. و ده علشان لو كنا عرضنا لقطة كاملة للتفاعل الحيوي فى عربية السيدات كده ما بين الركاب المتزاحمين و البائعات على مختلف الاعمار الى بيسلكو طريقهم بين الاجساد المتلاصقه فى عز زحمة المترو ساعة الذروة و بين الشحاتين على مختلف أطوالهم و اعمارهم رجالة و ستات و الى بتحاول الستات تفادى الارتطام بهم خاصه اذا كانو من الرجال البالغين كانت العملية حتبقى مزحومة أوى

و لو كنا كمان حطينا كمالة الصورة بقى خناقات الشحاتين مع بعض .. و خناقات الستات مع بعض .. و خناقات طلاب المدارس و الفاظهم البذيئة من الصبية الذكور الى بيركبو غلاسة فى عربية السيدات .. و عربدة أولاد الشوارع من الشباب الى بيركبو فرده و بلطجه جوه نفس العربية برضه .. فمتهيألى كده الصورة كانت حتبقى سكالنس خالص :S


على أية حال هو ده كان واقع عربيتين السيدات فى مترو الانفاق قبل بداية الفصل الدراسي الثاني .. و الى كان كفيل بأن أى واحده بتجهز .. كل الى عليها انها تقعدلها فى المترو بتاع اسبوع كده و هى حتطلع مشتريه العفش شخصيا من جوه !!


حد حيتكرم و يسألنى اشمعنى التوقيت ده بالذات ؟

حقوله علشان من بداية الفصل الدراسي الثاني و قد شهد المترو تغيرا جذريا أيها المواطن الكريم

ازاى ؟

حقولك حاضر

بص يا سيدي

المترو اتطور تطور مذهل .. و ده تم على سياقات مختلفة

فى فئات اندثرت تماما زى البياعين و الشحاتين من عربية السيدات ، و فى فئات بيحاولوا القضاء عليها زى الصبيان طلاب المدارس و الشباب من سن 14 سنة الى بيركبوا غلاسه فى العربية و احيانا بحجه انهم مع امهاتهم !!! ..برضه يدخل ضمن الفئة دى حبة الشحطة الى بيركبوا مع الستات و لما تقولهم يركبو عربية الرجالة صوتهم يجيب السلوم ولا اما تكون طعنتهم بخنجر مسنون فى أعز ما يملكو !!!
و لسه فى فئة هما مش قادرين عليها و هى فئة أبناء الشوارع من المشردين و يمكن المسجلين كمان الى راكبين بلطجة


ده مش بس كده .. ده فى تطور على سياق موازى كمان .. و هو في الحقيقة سياق ايجابي جدا و انا شخصيا مزأططه منه ع الآخر .. موضوع الاعلان و التوعيه بأبواب الصعود و النزول .. و انهم موقفين أمن على الابواب علشان الناس تلتزم و تتبع التعليمات .. و مبسوطة جدا من الاستجابه الرائعه الى فى عربيات السيدات للموضوع ده و الى يمكن تصل لنسبة 95% .. لدرجة ان دلوقتى الناس بقت بتقول لبعضها من غير أمن ولا حاجه و بتوعى المخالفين للتعليمات و بتزعق كمان للى بتصر على عدم الالتزام ! :)

بالمناسبة دى يا جماعه من فضلكم ابقو اشكرو أفراد الأمن الى واقفين على البيبان فى كل محطة و بيستحملو سخافات كتير من بعض الناس .. بجد هما بيتعبو أوى و فى الاخر حتلاقو مرتباتهم فى الارض .. حسسوهم بتقديركم لقيمة الى هما بيعملوه .. ارفعو من معنوياتهم .. الكملة معاهم حتفرق للأحسن صدقونى .. حيبقو حاسين انهم فعلا بيقومو بدور ايجابي و حيحبو شغلهم .. و حتحسسوهم ان ليهم قيمة و ان ليهم كيان مش تماثيل واقفين ولا حد معبرهم الا لو رمالهم كلمة سخيفة

الواحد مننا بحيب الناس تقدره و تقدر الى بيعمله و خاصه لو كان الى بيعمله ده بينفع الناس .. الكلمة يمكن ما تفرقش معاكم بس صدقونى حتفرق معاهم أوى .. و مش حتتخيلو احساسكم ايه لما تشوفو الابتسامة الى بتترسم على وجوههم لما بيسمعو كلمة " شكرا على الى انتو بتعملوه علشانا " .


نرجع تانى لتطور سياقات المترو .. عندنا سياق كمان تشهده محطة رمسيس الى هي " حسنى مبارك " فى المترو و هو عدم الاعتراف بآدمية المواطنين أخيرا بشكل صريح .. و ازالة كل المقاعد الموجوده على رصيف القطار علشان المواطنين المهلوكين من الشقى و السعى على رزقهم و الغلب الى عايشينه و الحر الى ضارب دماغهم ما يلاقوش كرسي يرتاحو عليه لحاد ما المترو يجي .. و يفضلو كده مصلوبين مستنيين الفرج .. و ده طبعا علشان المواطن يتعلم قيم الصبر و التحمل و الجلد و ما يبقاش مواطن متدلع كده و ما يسدش فى الازمات .. بس حقولك ايه يا مواطن و انت البعيد لا بتفهم و لا بتقدر ان كل الى بيحصل ده " من أجلك أنت " !!


وبما اننا بنتكلم عن التطور فطبيعي يعنى التطور ده مش حيقتصر بس على الحكومة و سياساتها .. اطلاقا .. فى تطور موازى فيما يخص الركاب كمان .. اصلها حتبقى وحشه أوى فى حق النفر مننا ان العالم كله من حواليه بيشرب بايب و هو لسه بيضرب سيجارة بنى !!

ده يعني ايه ؟

ده يا سيدي يعنى انك دلوقتى بالصلاة ع النبي تدخل المترو فتلاقى ان الشرايح الى قلنا انها اندثرت من المترو فوق دى .. بيتم استبدالها بكائنات جديدة نوفى بقى .. بتتمتع بوسائل و آليات متطورة و منسجمة مع عصر التكنولوجيا الى احنا فيه ده


أحدث مثال كان انبارح آه و ربنا و كان نصه الآتي " بس الهى ربنا يسترك تركز كويس فى الموقف علشان انا حطلب منك استشارة فى الآخر "


الموقف هو :

التوقيت : الساعه 9 و نص مساء " كنا لسه مخلصين محاضرة د/ سيف "

المكان : عربة السيدات الأولى فى المترو

الموقف : بنت شابه عندها ما يقرب من 26 سنة ممشوقة القوام محجبه حجاب الى حد كبير ابن ناس و محترم ، لابسة تونيك طويل للأرض واسع و تحته بنطلون .. شكلها محترم و طبيعي جدا

اتقفلت بوابات المترو و بدأ يتحرك بينا .. و فجأة على صوت البنت دى بما نصه التالى :

" يا جماعه لو سمحتو ركزو معايا شوية عايزة أقولكم حاجه .. الى فيكم يا بنات عايزة تشتغل تكتب الرقم ده 017.... "

العربية كلها تنحت ناحيتها لأن دى اول مرة تحصل حاجه كده .. قامت البنت مكررة نفس كلامها السابق ده بنصه تانى بعلو صوتها

و سكتت

أنا لقيت ناس فعلا بتكتب الرقم وراها .. بصيت لسحر " من أعز الناس الى اتعرفت عليهم من الكلية " و قلتلها لا مش حنسكت طبعا .. الموقف ده مريب جدا

قمت انا كمان بعلو صوتى سألتها و دار بيننا الحوار التالى مع متابعه جاده من قبل الركاب

أنا : هى ايه الشغلانه بالظبط ؟

هي : علاقات عامة

أنا : ده فين ؟

هي : شركة

أنا : الشركة دى اسمها ايه ؟

هي : اسمها شركة ناس ( و قامت بتهجى حروفها بالانجليزية )

أنا : و فين الشركة دى ؟

هي : فى فيصل

انا : الشركة دى بتنتج ايه بالظبط ؟

هي : .....

واحده من الركاب : و الشغل على كده متعب فى الشركة ولا كويس ؟

هي : لأ الشغل هناك مريح راحه .. مريح ع الآآآآآآآآآآخر

انا : و المرتب كام ؟

هي : بيبدأ من 1000 و بيطلع بعد كده

واحده من الركاب : و عايزين مؤهلات ايه ؟

هي : لأ .. أى مؤهلات

واحده من الركاب : و ده ينفع شباب كمان ؟

هي : لأ بنات بس

سألوها عن شغلها هناك ايه و هى جاوبت بس للأسف ما سمعتش من دوشة المترو .. و سألوها عن مرتبها و برضه ما سمعتش للأسف و ان كنت استشفيت انه ما يقرب من 8000 لان الناس كانت مذهولة جدا و بيقولو طيب كويس ده المرتب كبير

محطة كمان كررت فيها البنت نفس الكلام تانى مع تجمهر عددد لا بأس به من الشابات حولها لمعرفة التفاصيل .. و بعدين المحطة الى بعدها نزلت من المترو و سابتنا


انقسم المترو لقسمين .ز ناس مصدقة و واخده الموضوع جد و سجلت النمرة .. و ناس بتشك فى الموضوع و بتقول لا طبعا دى اكيد وراها مصيبة مسيحة عمرنا ما شفنا شغلانة يعلنو عنها فى المترو و بالمرتب ده و بنات بس


انا طلبت من واحده من الى سجلت الرقم انى آخد الرقم

اديتهولى .. وسألتنى ليه ؟ انت حتشتغلى ؟

قلنالها انا و سحر : لأ طبعا احنا حنتحرى و نبلغ


دلوقتى الرقم معايا .. و انا شاكة بنسبة كبيرة جدا ان الشغلانه دى كمين لاستدراج الفتيات .. تفتكروا المفروض أعمل ايه دلوقتى ؟؟

عايزة أسمع رأيكم .. اتصل بيهم الأول و اشوف الموضوع ايه .. و لو طلع فى حاجه مش مظبوطة ابلغ ؟ ولا أبلغ على طول ؟ و لا ايه العمل ؟؟

ماذا تفعل لو كنت مكانى ؟؟ فى تلك اللعنة الخاصه بمترو الانفاق ؟؟



Wednesday, March 3, 2010

little Me :)







Dear little me,

peace be upon you .. How are you dear ?

I miss you so much, I wish you were here with me, I'm in a real need of you .

Every time I look at your angelic face I remember those wonderful days, when our dreams were spread in front of us with no limits, when they were our road to real life, when we saw them smiling over and over again every time we think of them .

Those days of true love, joy, laughter and happiness.

Those days we used to laugh our hearts out .

Every time I see your photo I remember the way we used to play with our cousins, the small house we used to build with pillows at the dining room, the library that is made by our childish stories, and those small things we used to decorate it with .

I found your wonderful paintings by chance at one of the many boxes I'm keeping, your painting of the girls playing made me smile so long; you were so cute to see the whole world around you by your soft, sweet, white heart.

The happy girls in your painting were your thoughts, those lovely thoughts of better life, better world, and better place to live in .

Your painting took me to that day when we sat at the balcony once and started to count the stars at night, we were so eager to count them all; the thing ended with us sleeping on the floor there .



when I look to your brown sweet little eyes looking eagerly forward, I wondered if you were knowing what the future hides for you .. I thought of that you were watching the dynamic series of your days in the future .. but I was not so sure if you know how hard it will be to achieve your goals.

I don't know if your pure heart could ever understand this or not, but to tell you the truth; if I'm back again to where you are now, I would never choose to grow up !

It's too hard and too dark here, this world is creepy; yet it is not as you ever thought of !!

You would never imagine that there would come one day and your sweet little heart would not be so secured, to try to sleep many times but the thoughts crowded in your head prevent you bitterly.


You would never imagine that you would have to fight hardly to be able to deal with people around you not because you lack communication skills but because of their many masks they are well trained to put on .

The people here are not so honest and pure as the children you played with in the past, the people here are like the open sea; you don't know what it hides and you can't imagine or even expect what you will find when you enter its world.

You would never imagine that your pure heart will not be able to live with its purity among the crowds here !!

You would never imagine that would come a day in which the purity will be raw material for deceivers .

You are in a bad need of some one beside you here, some one to take your hand and guide you on your road of life, some one to be really secured with, some one who is honest, caring, and above all has a pure heart like yours :)


Dear little me,

Happy that you are still there, playing with your lovely toys, I wish I could come , join your world again and play with you :)

Dear little me,

promise me that you will stay there, caring for your flowers and having fun with your dolls :)


promise me to be strong, when you feel the weakness of those around you; to stay honest to your self when they are getting used to telling lies; to see the positive part of your life and learn from the negative one.

Finally promise me that you'll give faith a fighting chance.

Be sure that Allah will bring you the best and will lead your continues thoughts to an end, a happy one isA.


I love you so much :)

yours,

The GROWN me !!

Tuesday, February 16, 2010





يا ترى بكرة مخبي ايه معاه ؟؟


خايفة :'(

!!


Tuesday, February 9, 2010








كان البارحة زفاف أغلى و أحب الصديقات و أقربهم الى قلبي على الاطلاق :)

تزوجت من حبها الأول ..

كانت تتلألأ فى حفل عرسها و كأنما تحيط بها هالة من نور و وقار رباني رائعين :)


هي صديقة عمرى .. رفيقة دربي حقا .. بالرغم من افتراقنا فى مجالات الدراسه الا ان عواصف الحياة لم تشغلنا عن بعضنا ابدا

د/اسماء صلاح و د/عمرو التهامي

كان حفل عرسكما من أورع ما شهدت ..

أرجو من الله أن يمن عليكما بحياة هانئة مستقرة سعيدة .. و ان يرزقكما كل خير يا رب .. و ان يرزقكما الذرية الصالحة التى تنفع الاسلام و المسلمين .. و ان يبعد عنكما كل سوء يا رب :)

بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما فى خير يا رب :)



Sunday, February 7, 2010





بحلم ..

ببيت صغير .. تدخله الشمس من كل ناحيه .. له حديقه .. في وسطها مسجد .. محدش يدخله غيري ، و زوجي ، و أولادنا

:)


Sunday, January 3, 2010

فضفضة جوانية 8/7



أنهيت مهام الشراء الشاقة في شارع عباس العقاد .. لأجدنى بعد ساعة من الهرولة بين أول عباس و آخره بحثا عما أريد مثقلة بكم من الحقائب الثقيلة و علي انتظار خالتى حتى ال8.30 مساءا لأذهب معها الى الطبيب ..


بعد تفكير عميق قررت ان أذهب الى المسجد لاستريح قليلا و أقضي ما بقى من فترة الانتظار فيه ، فكم تستريح نفسي من همومها و عنائها عندما أكون داخل أى مسجد .

كثيرا ما فكرت في بعض الأيام أن ألجأ الى الجلوس في المسجد لبعض الوقت فقط بغرض التأمل و التفكر .. و الراحة من عناء الحياة و همومها التى تثقل كاهلي من حين لآخر .. فان للمسجد أثر سحري عجيب بنفسي ..

لعله ذلك الأثر الذى تركه بداخلى منذ طفولتى ، حينما كانت تأخذنا أ/ الهام و نحن لانزال بـ 2 روضة ، لاعطائنا حصة القرآن الكريم بداخل المسجد الملحق بمدرستي الحبيبة ..

كانت هي أروع دقائق تلك التي أقضيها مع زملائى ملتفين حولها فى الحقلة ، منصتين لها بكل جوارحنا و نحن نفترش ذلك الركن الصغير فى جانب المسجد .. و نشاهد أولئك المصلين الذين يتوافدون الى الداخل لقضاء الصلاة ..


كم من مرة فكرت أن أبيت ليلتي فى المسجد !! .. هو مجرد تمنٍ يراودني بين الحين و الآخر .. أرجو أن أحققه يوما ما .. و في كل مرة يداعب فيها مخيلتي ذلك الحلم ، أتذكر ذلك الامام الأموي الذى أقسم على زوجته بعدم المبيت في أى بيت من بيوته و الا سيقع عليها حلف الطلاق ، فنصحوها بعد حيرة عارمة أن تقضي ليلتها في المسجد ، فهو المكان الوحيد الذى لا سلطان للامام عليه .. فهو بيت الله ..


يالله !! ياله من تعبير رائع .. ( بيت الله ) .. أشعر بسكينة عجيبة حينما استحضره ..


ذهبت و أنا محملة بكم الحقائب التي بين يدي الى أقرب مسجد في " عباس العقاد " .. حقا هو ليس مسجدا فارها ، و لكنه مكان للصلاة يطلقون عليه " مسجد بن الخطاب " يوجد تحت احدي البنايات ..

حينما هممت بالدخول وجدت بعض الرجال يمنعونني من دخوله بحجة " أن به اصلاحات " ..

فى نفس اللحظة التى كانو يمنعوننى فيها من الدخول بحجه " الاصلاحات " وجدت النساء تتوافد خارج المسجد بعد قضاء الصلاة ..


ممممممم .. هكذا يسير اتجاه السير اذا .. الى خارج المسجد فقط .. ولا يسمح لأحد بالدخول ..!!


برهة من الحيرة و عدم فهم ما يحدث انتابتنى .. ثم أدركت تحديدا ماذا يحدث .. لقد " انتهى وقت الصلاة " !!!!!!!!!!!!!!!! .. و بالتالى سيتم اغلاق المسجد ..



لم تكن هي المرة الأولى التى أتعرض فيها لذلك الموقف العجيب .. حدثت من قبل مرارا و تكرارا .. و يبقى ذلك الحوار الذى دار بيني و بين احد " فراشي " المساجد محفورا بذهنى .. حينما عطلتنى زحمة المسير فى شوارع القاهرة المكدسة و اقترب موعد أذان العصر و هرولت الى احد المساجد لأداء صلاة الظهر فوجدت المسجد مغلقا .. و حينما طلبت من الرجل أن يفتح لى مصلى السيدات رفض بشدة .. و حينما تعجبت من ذلك الرفض و أصررت على طلبي متسائلة : " و لم يغلق المسجد من الأصل .. من الطبيعي أن يظل مفتوحا لعدة اعتبارات ليست الصلاة و فقط هى الاعتبار الوحيد .. ثم كيف يغلقون بيتا من بيوت الله !! من له السلطة ليفعل هذا !! " ، رد مستنكرا بأن " وقت الصلاة خلص من بدري "

استوقفتنى حينها تلك الجملة العجيبة " وقت الصلاة خلص من بدري !!! " .. اخبرته بأن وقت صلاة الظهر ممتد حتى يؤذن للعصر .. و ان " ظروف التكدس المرورى هى سبب تعطلى " ، كما أخبرته " صدق نيتي فى ألا أضيع صلاة الظهر خاصة بأن المسجد أمامى " .. فأصر على رفضه !!


يالله .. من يتحمل اثم منع مسلم أن يؤدي فريضة الصلاة لرب العالمين !! ..

أيدرك هؤلاء عظم ما يفعلون !! .. و يستوى فى ذلك من يأمر و من ينفذ


حينها أجد الآية الكريمة متجسدة أمامي : " و من أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه و سعى فى خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها الا خائفين لهم فى الدنيا خزي و لهم فى الآخرة عذاب عظيم "



أفقت سريعا بأنى مازلت أمام مسجد " ابن الخطاب " فى عباس العقاد .. كان التعب قد بلغ منى مبلغه .. و كنت أحتاج الى الجلوس لاستريح بالفعل .. نظرت حولى بعدما أغلقوا المسجد فى وجهي علّى أجد مكانا أستطيع أن استرح فيه قليلا قبل أن تأتى الى خالتى بعد ساعة كاملة ..

أخذت أقلب بصري فى كل تلك الأبنية المكدسة حولى باحثة عن مكان واحد أستطيع أن أجلس فيه ما بقى من الوقت .. مكان واحد يؤيني دون أن أجد نفسي مضطرة الى أن أخرج لأصحابه كل ما فى جيبي من نقود ليتفضلوا على بتركى لأسترح لديهم .. مكان واحد فقط .. أطلت البحث و أمعنت النظر ..

بعدها أدركت انى بلا مأوى بعدما أغلقوا أبواب بيت الله فى وجهي ..

أدركت أن المأوى الوحيد هو الشارع ..

نعم .. الشارع و فقط ..

الشارع فى ذلك الوقت .. الشارع بظلمته الموحشة .. الشارع بنظرات شبابه و رجاله المسعورة التى يستوى لديها اى فتاة تظهر فى الأفق .. الشارع بأرصفته المتسخه .. الشارع الذى يخلو من كل معانى الانسانية حتى و ان تجسدت فى مقعد على الرصيف لراحة المارة ..!!

فكرت فى أن أعود الى بيتي ثم مرة أخرى الى عباس العقاد حيث سأقابل خالتى .. ثم طردت الفكرة من رأسى سريعا فان ما سأستغرقه من وقت فى الانتقال الى بيتي ثم الى هنا ثانية فى ظل هذا الزحام سيكون أكبر بكثير من " ساعة " علىّ ان أنتظرها حتى موعد المقابلة ..


بيتي !! .. و ماذا اذا عن أولئك الذين لفظتهم بيوتهم .. أو أولئك ممن ليس لديهم بيوت من الأساس !! الى أين يذهبون ؟؟ الى أين يذهبون و مصر لم يعد فيها مكانا واحدا مفتوحا لأبنائها دون مقابل مادى !! ؟؟ الى أين يذهبون و قد أغلقوا فى وجوههم بيوت الله بعد أن أوصدت أبواب منازلهم أمامهم !! ؟؟


سحقا بكل لغات أهل الأرض !!! .. يالها من مدنية عفنة .. تحيل كل شىء أمامها بما في ذلك البشر ممن تجردهم من انسانيتهم فى معادلات مادية دنيئة .. لا تفهم أى شىء حولها سوى المال ثم المال ثم المال ..


لم أعد استطع الوقوف أكثر من ذلك لفرط الارهاق الذى كنت اعانيه .. و لم أجد مفر من الجلوس فى احدى " الكافيهات " الفارهه التى تحتل جوانب الشارع بالرغم من عدم رغبتى فى تناول أى شىء لآكله . و لكنى سأطلب أى شىء حتى وان كان " شاى بلبن " حتى أستطيع الحصول على ذلك الكرسي - الذى أصبح الحصول عليه أصعب من خروج اسرائيل من فلسطين - للراحة قليلا ..


استجمعت ما بقى من قواى و بدأت السير باتجاه احد " الكافيهات " .. كنت أبعد مسافة ليست بالقليلة عن أقرب " كافيه " فى الشارع .. أثناء سيري مررت باحدى المتسولات الاتى أصبحن من علامات الشارع المميزة ..


كانت سيدة عجوز .. طاعنة فى السن .. تفترش الأرض .. صوتها قوى و مرتفع للغاية .. تمد يدها امامها .. و صوتها يعلو لكل من مر بجوارها بـ " بالله عليك جعانة "


ظلت كلماتها تتردد بقوة داخلى بعدما تخطيتها بعدة أمتار .. كلماتها قاسية للغاية .. مؤلمة و مدمية


شعرت بقمة الـ " قرف " من نفسي .. تستجدى منك بأن تعطيها شيئا و تستحلفك بالله ، الخالق الأعظم .. و تطلب لا لرفاهية و انما للجوع الذى يفتك بها .. و انت ذاهبة لتناول الطعام .. ترددت كثيرا فى الرجوع اليها .. و لكنك فى النهاية لم تفعلى .. لم تلتفتي اليها أو تلق لها بالا !!


كانت دقائق قاتلة تلك التى مرت علىّ و انا جالسة " بالكافية " احتسى " الشاى باللبن " و أسترجع تلك العجوز .. أحسست بأن مزيج الشاى باللبن ما هو الا حمم بركانية تتخذ طريقها الى داخلى مع كل رشفة اتناولها ..


لِم لَم أذهب الى تلك السيدة لأعطيها شيئا ؟؟

ما هذا الجمود الذى أصاب مشاعري !!

لكن ما الذى يدريني بأنها صادقة حقا ؟؟

أليس من المحتمل و الوارد جدا أن تكون من محترفات الشحاذة ؟؟!!

لو كانت حقا جائعة كما تقول .. لم لا تأخذ الأموال التى جمعتها من المارة و تذهب لتشتري شيئا تأكله اذا ؟؟!!


فكرت فى أن أشتري لها طعاما و أعطيه لها .. ثم ترددت أيضا

هل ستقبله منى ؟؟ أم انها سترفع صوتها بسيل عارم من الشتائم ؟؟

هل لو قبلته منى ستغادر المكان لأنها شبعت من ذلك الجوع ؟ .. أم انها سوف تستكمل استجدائها للمارة لتجلب المال ؟؟


أصبحنا فى زمن قاسٍ و خادع للغاية .. انتشر فيه الفقر ، و الفساد معا .. فلا نستطيع التمييز بين من يستحق و بين من يحترف خداع الناس !!


لم ينتشلني من ذلك الصراع المميت بداخلى سوى صوت خالتى عبر الهاتف النقال لتخبرني بأنها وصلت لمكان المقابلة لتوها و بانتظارى


تهلل وجهى و خرجت من ذلك المكعب الخرساني الميت الذى كنت أمكث به مسرعة اليها ..


ألقيت نظرة عابرة على ذلك الشارع الممتد بأضوائه الساطعة .. و ترددت بداخلى تنهيدة حارة ..


" آآآآآه يا مصر .. و آخرتها ايه بعد ما حولوكى لحارة سد و حطوا ولادك جواها متكسرين " :'(


Friday, November 27, 2009

عيد أضحي سعيد :)





كل سنة و أنتم بألف خير يا رب :)